موعد مباريات اليوم 22-08-2025 والقنوات الناقلة

22 أغسطس 2025 - 1:01 ص

في قلب العاصمة الإنجليزية لندن، حيث تُولد الصراعات الكروية الحقيقية، يأتي اللقاء بين تشيلسي ووست هام يونايتد كواحد من أكثر المواجهات إثارة وتشويقاً في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز. الصدام بين الناديين لا يُعد مجرد مباراة بثلاث نقاط، بل هو ديربي له طابعه الخاص، تاريخه، ومشاعره التي تتجاوز أرضية الملعب إلى مدرجات الجماهير وممرات التاريخ الكروي.

مقدمة تاريخية: جذور الصراع بين شرق وغرب لندن

ينتمي نادي تشيلسي إلى منطقة “فولهام” غرب لندن، بينما يقع نادي وست هام في شرق العاصمة، وتحديدًا في منطقة “ستراتفورد”. ورغم أن الصراع بين الفريقين لا يُعتبر بنفس حدة ديربي شمال لندن بين توتنهام وأرسنال، إلا أن التوتر بين جماهير تشيلسي ووست هام موجود ومتجذر، ويعود لعقود طويلة، حيث كانت كل مواجهة بين الفريقين بمثابة إثبات وجود، سواء من ناحية التفوق المحلي أو كبرياء المدينة.

الحقبة الأولى: المواجهات الأولى وبداية التاريخ

بدأت مواجهات تشيلسي ووست هام في أوائل القرن العشرين، عندما تواجها لأول مرة في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي، قبل إنشاء الدوري الممتاز بصورته الحديثة في 1992. لم تكن المباريات آنذاك تحظى بالاهتمام الإعلامي الكبير، لكن بين جمهور الناديين، كانت كل مواجهة تُعد بمثابة حرب كروية مصغّرة.

في تلك السنوات، كان وست هام نادياً معروفاً بتخريج المواهب من أكاديميته، بينما كان تشيلسي يحاول إثبات نفسه كقوة صاعدة في الكرة الإنجليزية. ومع مرور الوقت، بدأت الكفة تميل لصالح تشيلسي خصوصاً مع بداية السبعينات، حيث شهد النادي نهضة على مستوى الأداء والمنافسة، فيما ظل وست هام يُقاتل للحفاظ على مكانته في الدوري.

عصر البريميرليج: صراع المصالح والهيبة

مع انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز عام 1992، دخلت كرة القدم الإنجليزية عصرًا جديدًا من حيث التسويق، الأموال، والاهتمام العالمي. وكان لهذا تأثير مباشر على مستوى التنافس بين تشيلسي ووست هام.

في التسعينات، لم يكن تشيلسي بعد قد أصبح ذلك الفريق المرعب الذي نعرفه في الألفية الجديدة، لكنه بدأ في بناء تشكيلة قوية بقيادة نجوم مثل دينيس وايز وجيانفرانكو زولا. أما وست هام، فكان نادياً تقليدياً يعتمد على مواهبه، مثل جو كول، فرانك لامبارد، وجيرمين ديفو – وكلهم لعبوا لاحقاً لتشيلسي أو أندية كبرى.

واحدة من اللحظات التي رسخت التوتر بين الناديين كانت حين انتقل فرانك لامبارد من وست هام إلى تشيلسي، مما أشعل غضب جماهير الهامرز، والذين لم يغفروا للاعب تلك الخطوة حتى بعد اعتزاله.

2003 وما بعدها: هيمنة تشيلسي وصعود النفوذ

في عام 2003، تغيرت معادلة القوة بشكل دراماتيكي بعد أن اشترى الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش نادي تشيلسي، وبدأ في ضخ أموال ضخمة لتحويل النادي إلى قوة أوروبية. تحت قيادة مدربين مثل مورينيو وأنشيلوتي، بدأ تشيلسي في الهيمنة على الكرة الإنجليزية، وفاز بعدة ألقاب دوري وكؤوس محلية وأوروبية.

أما وست هام، فظل يتأرجح بين الصعود والهبوط، حتى عاد تدريجياً إلى البريميرليج بشكل مستقر، خاصة في السنوات الأخيرة. وبرغم الفوارق المالية والفنية، كانت وست هام دائمًا يمثل عقبة حقيقية أمام تشيلسي. ففي أكثر من مناسبة، فاجأ الهامرز البلوز بنتائج غير متوقعة، سواء في ملعبهم القديم “أبتون بارك” أو في استاد لندن الجديد.

مباريات لا تُنسى: لحظات حاسمة في تاريخ اللقاءات

  • موسم 2012-2013: فاز وست هام على تشيلسي بنتيجة 3-1 في واحدة من أقوى مباريات الفريق في تلك الفترة، وشهدت تألق اللاعب كارلتون كول، الذي أزعج دفاعات البلوز بشكل لافت.

  • موسم 2019-2020: في خضم الصراع على مقاعد دوري الأبطال، تلقى تشيلسي ضربة موجعة من وست هام الذي فاز بنتيجة 3-2 في مباراة مثيرة على ملعب لندن، حيث سجل مايكل أنطونيو هدفًا قاتلًا.

  • موسم 2021-2022: واحدة من أقوى مباريات الديربي، حيث عاد وست هام من تأخره وفاز بنتيجة 3-2، بفضل هدف خرافي من ماسواكو في اللحظات الأخيرة أربك الحارس ميندي.

الأساليب الفنية والاختلافات التكتيكية

من الناحية التكتيكية، يُعتبر تشيلسي نادياً يعتمد على التنوع في أسلوب اللعب، بحسب هوية المدرب والمرحلة، لكنه غالباً يميل إلى الاستحواذ والضغط العالي. أما وست هام، خاصة في حقبة المدرب ديفيد مويس، فقد عرف بتنظيم دفاعي صارم والاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة واستغلال الكرات الثابتة.

هذا التباين في الأساليب أضاف نكهة خاصة للمواجهات، فبينما يحاول تشيلسي فرض أسلوبه، كثيراً ما تفاجئه قوة وست هام البدنية، وروحه القتالية العالية.

الجماهير: مناكفات وأجواء مشتعلة

الجماهير جزء لا يتجزأ من هذا الديربي. جماهير وست هام تعرف بكونها من أكثر الجماهير حماسة وشغفاً، ولقاء تشيلسي دائماً ما يكون موسوماً بالعداوة الكروية، خاصة مع حساسية بعض الانتقالات بين الناديين، وموقع الفريقين في المدينة.

على الجانب الآخر، جماهير تشيلسي تعتبر الفوز على وست هام واجباً، لا سيما أن البلوز ينظرون لأنفسهم كنادٍ من الصفوة، ولا يقبلون التفريط في النقاط أمام الفرق التي يعتبرونها “أقل تاريخياً”.

السنوات الأخيرة: تغيرات متلاحقة وصعود المنافسة

في السنوات الأخيرة، بدأ وست هام يتحسن بشكل لافت، خصوصاً بعد استقراره في ملعبه الجديد واستقدام عدد من اللاعبين المؤثرين. ووصل الفريق إلى مستويات أوروبية، وشارك في الدوري الأوروبي، بل وحقق لقب دوري المؤتمر الأوروبي في 2023، ما رفع من مستوى الطموحات.

تشيلسي، من ناحيته، شهد فترة من التخبط بعد رحيل أبراموفيتش، ومرّ بتغييرات إدارية وفنية كثيرة، ما جعل مستوى الفريق يتذبذب، وفتح الباب أمام وست هام لتحقيق نتائج إيجابية أكبر ضد البلوز.

ديربي لا يُستهان به

في النهاية، يمكن القول إن مواجهة تشيلسي ضد وست هام هي أكثر من مجرد مباراة في جدول الدوري. إنها قصة من قصص كرة القدم الإنجليزية التي تحمل بين طياتها التوتر، الكبرياء، الطموح، والصراع الأزلي بين شرق وغرب لندن.

مهما تغيرت الأجيال أو تبدلت الأسماء، سيبقى هذا الديربي محطة بارزة في كل موسم كروي، ومسرحاً لمعارك كروية لا تُنسى.