موعد مباريات اليوم 17-08-2025 والقنوات الناقلة

تُعد المواجهات بين مانشستر يونايتد وأرسنال من أقدم وأشهر الصراعات الكروية في إنجلترا، بل وفي كرة القدم العالمية ككل. فحينما يلتقي هذان العملاقان، يتجاوز الأمر مجرد ثلاث نقاط في جدول ترتيب الدوري، ليصبح الأمر صراع هيبة، وتاريخ، وتنافس بين مدرستين كرويتين لهما جذور عميقة في قلب كرة القدم الإنجليزية.
منذ بدايات الدوري الإنجليزي الممتاز وحتى يومنا هذا، شكلت لقاءات مانشستر يونايتد وأرسنال محطة محورية في تحديد ملامح المنافسة على اللقب، وحتى في فترات التراجع الفني لكلا الفريقين، ظل لقاء “اليونايتد ضد أرسنال” أحد أكثر اللقاءات المنتظرة في كل موسم.
الجذور الأولى للصراع
بدأت اللقاءات بين الفريقين منذ بدايات القرن العشرين، عندما كان أرسنال لا يزال يُعرف باسم “وولويتش أرسنال”، وكان مانشستر يونايتد يعاني من مشاكل إدارية ومالية في سنواته الأولى. منذ ذلك الحين، تقابل الفريقان مئات المرات، لكن الصراع أخذ بُعدًا خاصًا في حقب معينة، أهمها فترة التسعينيات وبداية الألفية الجديدة.
التسعينيات: فيرغسون ضد فينغر – صراع العقول
يمكن القول إن أقوى فصول الصراع بين مانشستر يونايتد وأرسنال كُتبت خلال أواخر التسعينيات وأوائل الألفينات، حينما كان السير أليكس فيرغسون على رأس الجهاز الفني لليونايتد، وأرسين فينغر يقود مشروعه الثوري في أرسنال.
أعاد فينغر، المدرب الفرنسي، تشكيل فلسفة أرسنال بالكامل، جاعلاً الفريق يقدم كرة قدم هجومية أنيقة تعتمد على التمرير السريع والمهارة الفنية العالية، في حين كان فريق فيرغسون يعتمد على القوة البدنية، والضغط العالي، والفاعلية الهجومية من جميع المراكز.
اللقاءات بين الفريقين في هذه الفترة كانت مشحونة بالتوتر والإثارة، سواء على أرضية الملعب أو خارجه. من لا ينسى المشاجرات بين اللاعبين مثل معركة “بيتزا غيت”، حينما طارَت قطعة بيتزا داخل النفق المؤدي لغرف الملابس، أو المواجهات الحاسمة التي كانت تُحدد هوية البطل.
خلال هذه الفترة، كان الفريقان يتقاسمان السيطرة على الكرة الإنجليزية. فاز أرسنال بالدوري موسم 1997-1998، ثم عاد مانشستر للهيمنة في المواسم التالية، قبل أن يفاجئ أرسنال الجميع بموسم اللاهزيمة الشهير 2003-2004.
مباريات كلاسيكية لا تُنسى
من أهم وأشهر المباريات في تاريخ مواجهات الفريقين في الدوري:
-
مباراة أبريل 2003 في أولد ترافورد: تعادل الفريقان بنتيجة 2-2 في لقاء ناري شهد هدفًا مذهلًا من تييري هنري، وظل هذا اللقاء من أكثر المباريات المثيرة في حقبة التسعينيات.
-
مباراة موسم 2004-2005 (أولد ترافورد): أوقف مانشستر يونايتد سلسلة اللاهزيمة التاريخية لأرسنال والتي استمرت 49 مباراة، بعد فوزه بهدفين نظيفين، في لقاء شهد العديد من القرارات التحكيمية المثيرة والجدل الكبير، بالإضافة إلى توتر واضح بين اللاعبين.
-
مباراة 8-2 في موسم 2011-2012: ربما تكون واحدة من أكثر النتائج المفاجئة في تاريخ الفريقين، عندما سحق مانشستر يونايتد ضيفه أرسنال بثمانية أهداف مقابل هدفين، في ليلة مؤلمة لجماهير المدفعجية.
شخصيات صنعت التاريخ
العديد من اللاعبين والمدربين تركوا بصمتهم في هذا الكلاسيكو الإنجليزي، ومنهم:
-
روي كين وباتريك فييرا: اثنان من أعظم قادة خط الوسط في تاريخ البريميرليغ. اشتعلت بينهما صراعات نارية خلال المباريات، وعُرفت مواجهتهما الجسدية والنفسية بأنها كانت تُمثل “مباراة داخل المباراة”.
-
واين روني: بدأ تألقه الكروي بهدف في شباك أرسنال بقميص إيفرتون، ثم واصل تحطيم شباك المدفعجية عندما انتقل إلى مانشستر يونايتد، حيث أصبح كابوسًا دائمًا لهم.
-
تييري هنري: ماكينة أهداف أرسنال، وأحد أبرز اللاعبين الذين سطّروا أسماءهم في سجل هذا الصراع بفضل أهدافه الحاسمة ومراوغاته الساحرة.
-
فان بيرسي: أحد اللاعبين القلائل الذين ارتدوا قميص الفريقين. بعد سنوات طويلة في أرسنال، انتقل إلى مانشستر يونايتد، وساهم بشكل مباشر في تتويج الفريق بالدوري موسم 2012-2013، مما أثار غضب جماهير أرسنال التي شعرت بالخيانة.
تحولات الصراع بعد فيرغسون وفينغر
برحيل السير أليكس فيرغسون عن مانشستر يونايتد عام 2013، ثم رحيل فينغر عن أرسنال في 2018، دخل الصراع مرحلة جديدة. لم يعد الفريقان في القمة كما كانا في السابق، وبدأت أندية أخرى مثل مانشستر سيتي وليفربول في السيطرة على الساحة.
ومع ذلك، حافظت مواجهات اليونايتد وأرسنال على نكهتها الخاصة، خاصة في ظل وجود مدربين شباب مثل مايكل أرتيتا وإريك تين هاغ، والآن مع توجهات جديدة لكلا الناديين في بناء فرق شابة وطموحة.
اختلاف الفلسفة داخل الملعب
في السنوات الأخيرة، اتجه أرسنال لتبني أسلوب لعب يعتمد على التمريرات القصيرة والضغط العالي، مع الاعتماد على لاعبين شباب مثل بوكايو ساكا، مارتينيلي، ورايس، بينما يسعى مانشستر يونايتد لتشكيل فريق متوازن يجمع بين الخبرة والشباب.
رغم تباين مستويات الفريقين من موسم لآخر، لا تزال المواجهات بينهما ذات طابع خاص، حيث لا يمكن توقع النتيجة بسهولة، فالتاريخ يُثقل كاهل كل فريق، والجماهير لا تقبل إلا بالفوز في مثل هذه المباريات.
الجانب الجماهيري والإعلامي
من المعروف أن الإعلام الإنجليزي يعطي أهمية استثنائية لمواجهة مانشستر يونايتد وأرسنال، بسبب التاريخ الكبير والصراع الذي تجاوز مجرد كرة قدم ليصل أحيانًا إلى التصريحات النارية، وحرب التصريحات بين المدربين، وتحليل كل لقطة في اللقاء بأدق تفاصيلها.
الجماهير أيضًا تنظر إلى هذه المباراة على أنها أكثر من مجرد “ثلاث نقاط”، فالفوز بها يعتبر انتصارًا للكبرياء والهوية، والهزيمة فيها تُعد مؤلمة حتى لو كان الفريق في موقف غير تنافسي.
الإحصائيات العامة
خلال تاريخ الدوري الإنجليزي، التقى الفريقان عشرات المرات، وتراوحت النتائج بين فترات تفوق لليونايتد وأخرى لأرسنال. مانشستر يونايتد يتفوق تاريخيًا في عدد الانتصارات، لكن أرسنال له أيضًا لحظاته البارزة، خاصة في ملعب الإمارات حيث أصبح أكثر صلابة في السنوات الأخيرة.
في نهاية المطاف، يمكن القول إن صراع مانشستر يونايتد وأرسنال هو جزء أصيل من تاريخ البريميرليغ. إنه لقاء بين التاريخ والهوية، بين الأسلوب والقوة، بين الشمال والجنوب. حتى مع تغيّر الأسماء والوجوه، يبقى هذا اللقاء من أكثر المباريات المنتظرة في كل موسم، فهو لا يُقاس بالمراكز أو النقاط، بل بما يحمله من مشاعر، وذكريات، وتنافس لا ينتهي.
تعليقات الزوار ( 0 )